استَهلَّ منتدى الجزيرة الثاني عشر، الذي تحتضنه العاصمة القطرية، الدوحة، خلال يومي 28 و29 أبريل/نيسان 2018، أولى جلساته لليوم الأول، بجلسة حوارية تناولت حصيلة الأزمة الخليجية ومساراتها المقبلة بعد عام على اندلاعها، وما صاحبها من إجراءات وسياسات وضعت الوحدة الخليجية والأمن الإقليمي على المحك، وما رافقها أيضًا من حملات إعلامية موجهة تجاوزت الخلافات السياسية إلى إحداث شرخ بين شعوب المنطقة الخليجية. وتحدث خلال الجلسة كل من الدكتور ماجد الأنصاري، أستاذ مساعد في علم الاجتماع السياسي بجامعة قطر، والدكتور فيصل أبوصْلِيب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، والدكتور عبد الله الغيلاني، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الاستراتيجية بسلطنة عُمَان، والباحثة الإيطالية سينزيا بيانكو، المختصة في شؤون الخليج والشرق الأوسط، والدكتور محمد سي بشير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة تيزي أوزو بالجزائر.
الأنصاري: الأزمة الخليجية تؤثِّر على مصالح جميع الدول
قال الدكتور ماجد الأنصاري: إن الأزمة الخليجية تحوَّلت إلى حالة استقرار بعد عام على اندلاعها في ظل عدم التوصل إلى حلول لإنهائها وتوقف تداعياتها المستمرة. وتحدث ماجد الأنصاري، أستاذ مساعد في علم الاجتماع السياسي بجامعة قطر، عن دلالات الأزمة على مستوى المنطقة، والتي تبدأ من النظر إلى وضعية مجلس التعاون الخليجي الذي تحدث الجميع سابقًا عن إمكانية انهياره، لكن هذا التخوف لم يحدث لسبب واحد هو أن هذا المجلس لم يكن له دور سياسي مؤثِّر في السابق، مع أنه سيبقى أمل الشعوب الخليجية.
وأوضح الأنصاري أن الأزمة منذ يومها الأول لم تقتصر على وجود مشكلة بين حكام أو أنظمة حكم، بل تجاوزت ذلك إلى التأثير في علاقات الشعوب الخليجية التي يُعَوَّل عليها من أجل بقاء منظومة مجلس التعاون كاستثمار مستقبلي للأجيال المقبلة. واعتبر أن أحد محركات الأزمة يتمثل في الوجود الدولي بالمنطقة الخليجية، وخاصة الوجود الأميركي منذ الحرب على العراق، على الرغم من وجود تحركات لإحداث تغييرات في هذا الوجود، والذي تمثَّل في التحركات شرقًا نحو روسيا، أو غربًا صوب الجانب الأوروبي، وهو ما يكشف أن منطقة الخليج لم تعد الخزان الاستراتيجي لأميركا، بل ساحة دولية مرتبطة بمشروع روسيا وتموضعها في العالم العربي وحضورها في القرن الإفريقي، وقضايا الحدود في المنطقة.
وتساءل الأنصاري عن الكيفية التي تُمَكِّن من تجاوز هذه الحالة في منطقة عُرفت بأنها مستقرة، وتحفظ الجوار الإقليمي، وبالتذكير ببعض الأزمات التي واجهت المنطقة، فإن هناك جهودًا بُذلت من أجل تجاوز النزاعات والاضطرابات في بعض الدول سواء في عُمان واليمن بفضل عدة عوامل مشتركة. وتساءل أيضًا عن المدى الذي يمكن أن يبلغه عمر هذه الأزمة، وقال: "علينا تجاوز الوضعية الراهنة، خاصة إذا علمنا أنها امتداد طبيعي لأزمات سابقة عاشتها المنطقة منذ تشكُّلها واستقلال دولها".
وفي حديثه عن المملكة العربية السعودية، قال الأنصاري: إن السعودية على سبيل المثال عندما تقوى يضعف الفاعلون الآخرون في المنطقة، والعكس صحيح، لكن في ظل وجود مهيمن سياسي بشكل مستمر. فقبل حرب الخليج ضد العراق، كان دور الكويت عالميًّا ومؤثرًا، على الرغم من وجود علاقات متوترة مع بعض دول الخليج.
وحول حديثه عن المستفيد من الأزمة، قال الأنصاري: إن النظام الإيراني يجد في الأزمة متنفسًا من أجل تخفيف الضغط عليه، وكذلك لحظةً لإعادة رسم علاقاته مع بعض دول المنطقة، متوقعًا أن عمر هذه الأزمة سيمتد إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق يحفظ مكانة الجميع، أو حدوث توافق سياسي يراعي مقدرات المنطقة.
وبشأن رؤيته لمستقبل هذه الأزمة، قال: إن لها مسارين اثنين، أولهما يتمثل في قدرة المنطقة على تجاوز أزماتها دون تدهورها إلى الحرب وحالة العسكرة، حيث استطاعت دولة الكويت بفضل جهود أميرها، الشيخ صباح الأحمد، إبعاد الحل العسكري في بداية الأزمة، وثانيًا: قدرة الفاعلين الدوليين على الاتفاق بينهم لتجاوز حالة الأزمة، وعدم مفاقمة الخلاف بين الدول الخليجية، لأن الجميع سيتأثر، وتُمَس مصالحه.
أبوصْلِيب: تماهي السياسة الأميركية مع الرؤى السعودية يطيل الأزمة الخليجية
من جانبه، وصف الدكتور فيصل أبوصليب الأزمة بأنها غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الخليجية، محذرًا في الوقت نفسه من أنها هزت النسيج الشعبي الخليجي، في الوقت الذي كان فيه الخلاف سابقًا يقتصر على القادة وصناع القرار. وقال: "كنت ممن توقع أن الأزمة ستطول، خاصة عندما نعلم أن أحد أطراف الأزمة، وهي السعودية، يُتَّخذ فيها القرار السياسي بشكل فردي، ويسهم في تكريسه عدم وجود ضغوط داخلية لوقف إطالة عمر هذه الأزمة". واستدل على قوله بأن السياسة الخارجية للسعودية لديها نَفَس طويل في التعاطي مع الخلافات الإقليمية، وعلى سبيل المثال فمقاطعتها للنظام العراقي استمرت 13 عامًا، وما يسهم في إطالة هذا النفس تماهي السياسة الأميركية مع الرؤى السعودية ودعمها.
ونبَّه الدكتور أبوصليب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، إلى بروز تأثير سعودي-إماراتي على صانع القرار الأميركي، وضعف العامل الأيديولوجي لدى إدارة ترامب، والذي يوازيه التركيز على الاعتبار والعامل المادي في التعاطي مع القضايا في المنطقة، فالإدارة الأميركية تعرف ماذا تريد من دول الخليج، ودول الخليج بدورها تعرف ماذا تريد الولايات المتحدة.
وبشأن حديثه عن حصيلة الأزمة ومستقبلها، قال أبوصليب: إن المطالب الثلاثة عشر التي أعلنتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر لم يتحقق منها أي شيء، وأضاف أن دول الحصار كان غرضها إجبار قطر على تغيير سياساتها الخارجية، وإحداث تغيير في نظام الحكم، ومحاولة تحجيم دورها في قضايا المنطقة والشرق الأوسط، لكن قطر لم تتأثر بهذه العوامل، ولم تغير سياستها الخارجية، بل أصبحت أكثر تناقضًا مع سياسات السعودية، خاصة في اليمن.
وقال: إن دول الحصار لم تعد ترى جدوى في إحداث تغيير داخلي في قطر، كما كانت التحركات في بدايات الأزمة، حيث إن قطر بدت أكثر استقرارًا داخليًّا، ولا توجد بها عوامل توتر. أما محاولة عزل قطر وتحجيم دورها -يضيف أبوصليب- فقد يكون تحقق جزئيًّا، على الرغم من تعزيزها وتوسيع علاقاتها، وقال: "قطر كدولة صغيرة تتشارك مع دولة الكويت في معضلة جغرافية، وقد رأينا أنه في ظل الأزمة لم تجد في هذا المحيط الجغرافي إلا إيران في طرف والكويت في طرف آخر".
وبحسب أبوصليب، فإن قطر لم تُعزل عن محيطها الإقليمي، لكن تحركها حُجِّم نسبيًّا، فالسياسة الخارجية القطرية كان لها هامش تحرك أوسع سابقًا، واليوم هي منشغلة بالأزمة الخليجية والدفاع عن أمنها القومي، والتركيز على الشأن الداخلي، وأوضح أن قطر تواجه خطرًا استراتيجيًّا إذا بقيت منشغلة بالأزمة فقط، وتتراجع عن دورها الاستراتيجي كما لعبته من قبل.
وبخصوص نتائج الأزمة، قال أبوصليب إنها كشفت عن توازنات إقليمية جديدة، خاصة في مصر والبحرين والإمارات، وفي مقابل ذلك، ظهر محور قطري-تركي تتقاطع معه إيران في ملفات ورؤى استراتيجية وتوافقات. واعتبر أنه ببروز لجنة استراتيجية بين السعودية والإمارات، لم يظهر محور قطري-كويتي-عماني، لأن الأخيرتين على الحياد بشأن الأزمة، التي تشكلت أسبابها منذ اندلاع موجات الربيع العربي، وبخاصة بشأن الملف المصري.
ورأى أن النظام الإقليمي الخليجي يقوم على أساس التعددية القطبية، ولا يمكن لدولة فيه أن تتحول إلى دولة مهيمنة، وخلال تحول السعودية اليوم إلى دولة طامحة، فذلك يتم على حساب الدول الصغرى كقطر، ونبَّه إلى أن الكويت شعرت ولا تزال تشعر بخوف شديد، لأن الأزمة مثَّلت اختبارًا للدول الصغرى لتجاوز الأزمات ولعب الأدوار، وهو ما يؤكد حرص الكويت على بقاء منظومة التعاون الخليجي.
وعند حديثه عن مستقبل الأزمة، قال: إن هناك ثلاثة سيناريوهات:
- التصعيد أصبح مستبعدًا على الأقل في جانبه العسكري، ومشروع قناة سلوى يعتبر من الخطوات التصعيدية إعلاميًّا فقط.
- الأزمة وإن طال أمدها سوف تحل، لكنها لن تخلو من ندوب وشواهد تؤرخ لهذه الأزمة.
- قناة سلوى تصب في صالح قطر أكثر من السعودية، وستمنع التهديد العسكري المباشر، "ونحن في الكويت لو كان بيننا وبين العراق فاصل مائي، لكان الغزو قد تأخر"، وقال: إن الأطراف جميعها خاسرة من التصعيد، وتستفيد منه أطراف خارج المنظومة كإيران.
- الجمود: قد تستمر المنظومة الخليجية لكن بشكل رمزي، مثلما الحال مع اتحاد المغرب العربي، فهو موجود، لكن مؤسساته مجمدة.
وفي اقتراحه للحل، قال أبوصليب: إن سيناريو الحل مرتبط بملفات إقليمية، ومتغيراتها، فإذا شعرت الإدارة الأميركية بأن حل الأزمة يصب في صالحها فحتمًا سيتم البحث عن الحلول والمصالحة، مرجحًا سيناريو الجمود، علمًا بأن هذه الأزمة ليست في صالح الشعوب، ولابد من محاصرة الندوب التي تؤثِّر على المنظومة وشعوبها.
الغيلاني: الأزمة جعلت الدولة الخليجية أكثر انكشافًا أمام مشاريع الهيمنة
من جانبه، قال الأكاديمي عبد الله الغيلاني: "إننا اليوم أمام مطالب لم تعد مقنعة تمامًا، فالأزمة في مستواها الجذري ليست جديدة، بل لها شواهد تاريخية مثل دعم الانقلاب عام 1996 على النظام القطري، وقد كان هناك دومًا استهداف للسيادة القطرية".
وذكر عبد الله الغيلاني، المختص في الشؤون الاستراتيجية في سلطنة عُمان، بأنه قبل عام 2011، كان المستهدف هو دور قطر وقوتها الناعمة، لكن اليوم أصبح الاستهداف يروم تحقيق مشروع إقليمي أكبر لم يعد خافيًا، يرمي إلى ترسيخ حالة الاستبداد، وإجهاض الحركة المطلبية في المنطقة العربية، وإعادة تشكيل مفاهيم السلطة والتوازنات الإقليمية.
وتطرق الغيلاني إلى محصلة الأزمة، وذكر أنها:
- جعلت الدولة الخليجية بمعناها المجمل أكثر انكشافًا أمام مشاريع الهيمنة في المنطقة، علمًا بأنها منكشفة استراتيجيًّا، في ظل حالة الابتزاز الذي تمارسه الولايات المتحدة ماليًّا وسياسيًّا بشكل ظاهر، وكلها عوامل أدت إلى إضعاف الدولة الخليجية.
- عرقلت مسار الإصلاحات السياسية في بعض دول المنطقة، خاصة الكويت وعُمان التي قطعت فيها تلك الإصلاحات أشواطًا، وفي البحرين وقطر والسعودية بنسبة ما.
- النظام السياسي أصبح أكثر استبدادًا؛ لأننا في أزمة، ويمكن القول: إن الأزمة أثرت بشدة على التقدم والإصلاحات الداخلية؛ ما يعني خسارة الجميع.
- فُرِض على المواطن الخليجي في بعض الدول التماهي مع الموقف الرسمي للدولة، ولا يمكنه مخالفته.
- الأزمة أشاعت مزاجًا من الفزع خاصة في عمان والكويت، فالأزمة مع قطر أحدثت تصدعات وشروخًا على المستوى الشعبي، وقد اتضح أن الخيار العسكري كان حاضرًا، لولا بعض المعطيات التي حالت دون حدوثه، فما الذي يمنع أن ما كان مخططًا له ضد قطر أن ينتقل إلى الكويت وعمان؟
- الأزمة كشفت حالة التوحش في النظام الرسمي الخليجي، فرغم الخلافات الخليجية على مستوى الدول أو النظم السياسية وشعوبها، "لم نكن نتوقع أن النظام الرسمي بهذه الحالة من التوحش، أي أن تُوظَّف كل السبل من أجل الإضرار بدولة مجاورة، ونحن نعلم أن مجلس التعاون لم يصمم للتعامل مع نزاعات مثل هذه، حتى النزاعات الحدودية يتم حلها خارج هذه المنظومة".
وعن المسارات المستقبلية، قال الغيلاني: "أرجِّح المراهنة على حالة الاستنزاف التدريجي، بعد تصريحات صدرت من دول الحصار بأن الأزمة صغيرة، وعامل الزمن كفيل بالدفع نحو تحقيق قطر للمطالب".
وبشأن الحل، أيًّا كان، قال الغيلاني إنه سيكون مرتبطًا بـ:
- حدوث تحول في أنماط التفكير الاستراتيجي في بعض الدول الخليجية، ووقف السعي نحو التمدد، وإن حدث هذا، فسينعكس على مقاربة هذه الدول للأزمة، لكن لا يوجد اليوم ما يوحي بذلك.
- المقاربات الأميركية ومعرفة إن كان دونالد ترامب سيعود إلى السلطة بعد الانتخابات الأميركية المقبلة واستمرار حالة الانفصام والقطيعة.
- تطورات الصراع الإقليمي خاصة في اليمن وسوريا وليبيا ومصر، لأن دول الأزمة كلها منخرطة في هذه الدول، وما يترتب على ذلك من خلق واقع جديد وتوازنات جديدة ومآلاتها.
- موقف المحور الكويتي-العُماني: هما على الحياد ظاهريًّا، لكنه نابع من الخوف على الذات، وهل سيبقى هذا المحور في هذه المربعات أم سيمارس مزيدًا من الضغط على دول الحصار خوفًا من تمددها، لأنهما ليستا بعيدتين عن مدارات هذه السياسات؟
بيانكو: الدول الصغرى تواجه تحديات كبيرة بسبب الأزمة
قالت سينزيا بيانكو: إن الاتحاد الأوروبي يرى في الأزمة الخليجية انتكاسة قوية للغاية، ورغم التوافق في أوروبا على أن هذه الأزمة لها آثار عكسية، لكن القدرة على التأثير القوي والدفع إلى حل لم يعد مؤكدًا، فهناك عدد من الجوانب الدبلوماسية على الدول الأوروبية أن تتكيف معها قبل أن تتبنى دورًا أكثر أهمية. واستشرفت ما وصفته بالسيناريو الأسوأ للأزمة بالنسبة للاتحاد الأوروبي وهو تفاقم الأزمة ضد الدول الصغرى في المنطقة مثل الكويت وعمان، مشددة على أن ذلك سيكون تحديًا كبيرًا للغاية. وقالت: إن الاتحاد الأوروبي يقوم بمحاولة التعامل مع الأهداف الكبرى ويطالب بحوار إقليمي خارج حدود الخليج لحل الأزمة.
وقالت بيانكو، وهي باحثة إيطالية متخصصة في شؤون الخليج والشرق الأوسط: إن الأزمة الخليجية الراهنة تُعدُّ ضربة قوية لسياسة المؤسسات، كما يُنظَر إليها في بروكسل، مشيرة إلى أن تاريخ الاتحاد الأوروبي بعد سنوات الحرب يهدف إلى تعزيز التعاون والروابط الاقتصادية والاجتماعية كآلية للتعاون مع دول الخليج إلا أن هذه الدول رأت أن الأمر لا يكون دائمًا كذلك.
وقالت الباحثة الإيطالية إنه تم استخدام الأدوات الاقتصادية للضغط على دولة قطر، وذلك على النقيض مما كان يُنظر إليه من قبل الاتحاد الأوروبي للتعاون مع منظمات أخرى خارجه. وأضافت أن ثمة ضربة أخرى خاصة بالعلاقات الثنائية بين الدول الأوروبية ودول مجلس التعاون، والتي شكَّلت سيلًا من التعقيدات خاصة بالنسبة للدول التي لديها علاقات أطول مع دول مجلس التعاون، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
واستشهدت بيانكو بعلاقات المملكة المتحدة مع دول التعاون الخليجي، مشيرة إلى أن بريطانيا صاحبة أقوى العلاقات مع تلك الدول، وتعتمد في توفير 30% من احتياجاتها للطاقة على الغاز القطري، كما تعد أكبر مستقبل للاستثمارات القطرية التي بلغت 35 مليار جنيه إسترليني. وأشارت إلى أن هناك استثمارات مشابهة من الدول الأخرى بالمملكة المتحدة التي كانت في موقف صعب للغاية. ولم يمكن لها أن تتحيز لطرف ضد آخر أو قيادة الوساطة والسبب هو أن هناك تحديات إقليمية وعالمية تستنزف الكثير من الموارد في المملكة المتحدة، مثل خروجها من الاتحاد الأوروبي. ونوَّهت بموقف فرنسا أيضًا وأنها كانت في وضع صعب لعلاقاتها القوية مع السعودية والإمارات وقطر.
سي بشير: مجلس التعاون الخليجي يواجه مصير الاتحاد المغاربي
حذَّر الدكتور محمد سي بشير من أن يواجه مجلس التعاون الخليجي مصير الاتحاد المغاربي، ويصبح كيانًا قائمًا بلا فاعلية أو صلاحيات. وعقد مقاربة بين تجربة الاتحاد المغاربي ومجلس التعاون الخليجي لافتًا إلى أن الاتحاد المغاربي ولد ميتًا، وعلى دول التعاون أن تستفيد من هذه التجربة حتى لا تواجه نفس المصير.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة تيزي أوزو الجزائر: إن العرب سواء في مجلس التعاون أو الاتحاد المغاربي استعاضوا عن التعاون والشراكة بينهم بالتوجه إلى شراكة مع قوى أكبر منهم بكثير، ولم تحقق لهم هذه الشراكات النجاح المنشود.
وأوضح أن الاتحاد المغاربي كان يمكنه إنشاء سوق مغاربية مشتركة، ولكنه استعاض عن ذلك بشراكات منفردة مع الاتحاد الأوروبي، وكان مصير جميعها الفشل، "ونخشى أن يسير الخليج في نفس المسار". ونوَّه سي بشير بأن العالم العربي لا توجد له مشاريع خاصة به مثل مشاريع قوى إقليمية أخرى بالمنطقة مثل إيران وتركيا. وقال: إننا نعيش عزلة استراتيجية، فلا أدوات ولا تخطيط في مقابل هذه المشروعات.. إننا مستمرون في إنتاج الفشل بدلًا من الاستفادة من الدروس، لصناعة النجاح في المستقبل.
وعن السيناريوهات المستقبلية للأزمة الخليجية، قال أستاذ العلوم السياسية إنه إذا استمرت الأزمة لما بعد عامها الأول، فربما تذهب دول التعاون الخليجي إلى نفس المصير المغاربي الميت، بعقد اجتماعات منتظمة، والقبول بما يُخطَّط لها من قبل قوى خارجية، فيما تبقى الصورة جامدة، على عكس ما تقتضيه العلاقات الدولية من حراك دائم.