خلال الجلسة الثانية من أعمال منتدى الجزيرة، الذي يناقش في نسخته الحادية عشرة "أزمة الدولة ومستقبل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط" بالعاصمة القطرية، الدوحة،15-16 أبريل/نيسان 2017، ركزت مداخلات المشاركين على مقاربة سؤال محوري يتعلق بمستقبل الربيع العربي، هو: "هل ما زال الربيع العربي يمثِّل أفقًا للإصلاح محليًّا وإقليميًّا؟"؛ وذلك بعد مرور ست سنوات على اندلاع الثورات التي هزت عدة دول عربية وأحدثت تغييرات عميقة لا تزال تأثيراتها تتفاعل حتى اليوم.
وأوضح الدكتور أبو يعرب المرزوقي، أستاذ الفلسفة والوزير المستشار لدى رئيس الحكومة التونسية سابقًا، أن الربيع العربي استطاع أن يُخرج للعلن أجندة الصراعات التي كانت تدور رحاها في المنطقة وكذلك على المستوى الدولي خفية وبشكل بارد، ولاحظ أن الأزمة ليست على مستوى الدولة القُطْرِيَّة العربية أو شرق الأوسطية فقط بل تشمل أيضًا أوروبا العتيقة، ومن ثم فهي أزمة نظام عالمي برمته.
وتناول الباحث السعودي، صدقه بن يحيى فاضل، عضو مجلس الشورى السعودي ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الملك عبد العزيز سابقًا، دور القوى الخارجية في تعثر مسارات حركة التغيير في المجال العربي، معتبرًا أن هناك حلفًا أوروبيًّا صهيونيًّا هدفه كبح جماح أية فرصة للتغيير البنَّاء في الوطن العربي، مشيرًا إلى أن تعدد التيارات الإسلامية في الساحة العربية يشكل تحديًا حقيقيًّا لهذه الدول. ويرى صدقه أن الربيع العربي كان انتفاضة شعبية ضد الوضع الداخلي السيء، وأن نجاح هذه المحاولة تمثَّل في كونها سابقة يمكن أن تتكرر طالما بقيت الأوضاع على حالها في المنطقة العربية.
أما السيد جون ماستر، المدير التنفيذي لصندوق السلام والمدير المشارك لمؤشر الدول الهشة، فيرى أن مؤشر الدول الهشة يشير إلى إمكانية حدوث ربيع عربي آخر، وأن ما حدث ما هو إلا البداية.
ومن جانبه، تحدث عادل الشرجبي، أستاذ علم الإجتماع بجامعة صنعاء، عن الربيع العربي بشكل عام والتجربة اليمنية بشكل خاص، مُبَيِّنًا أن التغيير سُنَّة كونية حتمية تتم إما عبر الأسلوب التطوري أو الأسلوب الثوري، مؤكدًا أن الثورة لا يمكن إيقافها؛ لأنها ظاهرة اجتماعية مستمرة. وبشأن السؤال حول فشل الربيع العربي، أوضح الشرجبي أن حركة التغيير أنجزت الكثير؛ حيث أفلحت في تفكيك المنظومة التقليدية القائمة على التحالف بين الجيش والمال كما نجح الربيع العربي في إلغاء مشروع التوريث.
أما الباحث المغربي، محمد الكوخي، المتخصص في اقتصاديات التنمية، فقدَّم نظرة اقتصادية للواقع العربي والتي أسهمت في اشتعال الثورات؛ حيث إن 70% من سكان العالم العربي هم من الشباب، بينما تشكِّل نسبة التعليم بينهم 46%، ثم تحدث عن دور التمدين في تطوير عقليات الناس ومساهمة التكنولوجيا في خلق وعي لدى الشباب بضرورة التغيير.