في الجلسة الحوارية الخامسة التي تناولت "مئة عام على وعد بلفور: ماذا يعني وجود إسرائيل في المنطقة؟"، ضمن فعاليات منتدى الجزيرة الحادي عشر، الذي ناقش "أزمة الدولة ومستقبل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط"، بالعاصمة القطرية، الدوحة، في 15-16 أبريل/نيسان 2017، أبرز المتحدثون دور العامل الإسرائيلي في تفجير الصراعات وتهديد استقرار المنطقة، وبحثوا مشاريع التسوية المطروحة بشأن القضية الفلسطينية، وموضوع الوحدة والانقسام الفلسطيني في ظل غموض مستقبل السلطة ومنظمة التحرير، والدور الذي يمكن أن يلعبه العرب والمسلمون في وضعهم الراهن في تسوية القضية الفلسطينية ودفعها نحو الحل. 

 

غليون: الاستعمار استهدف السيطرة على مصير المنطقة 

استهل الدكتور برهان غليون، أستاذ علم الاجتماع السياسي وأول رئيس للمجلس الوطني السوري، مداخلته بالحديث عن الدولة القومية ونشأتها التي مثَّلت حلمًا للشعوب؛ إذ جسَّدت الانتقال من حالة الاستعباد والسخرة إلى حالة العدالة والاستقرار وتحرُّر الإنسان ومشاركته في الحياة السياسية. لكنها تحولت حديثًا إلى كارثة وعبء وصارت مصدر العطب والمرض والفساد وأداة سلب وقهر وتفتيت للشعوب. 

وأضاف المتحدث: إن فلسطين شكَّلت حُلمًا لليهود، لكنها كانت كارثة حقيقية للشعب الفلسطيني وتحولت إلى أداة للإبادة السياسية بدلًا من التطوير واستقرار الشعوب مثلما يحصل في فلسطين، معتبرًا أن الاستعمار أكبر جريمة حدثت في التاريخ ضد البشرية للسيطرة على مصيرها، خصوصًا في منطقة المشرق لما تتميز به من ثروات وموقع استراتيجي. 

 

السنوار: إسرائيل تعيش هاجس الشرعية بعد 7 عقود على تأسيسها 

أشارت الباحثة في العلاقات الدولية وحقوق الإنسان، أماني السنوار، إلى أن أطروحات الإدارة الأميركية الجديدة بشأن الاستيطان تتماهى مع اليمين المتطرف الذي يحكم إسرائيل؛ حيث منح الرئيس دونالد ترامب الضوء الأخضر لقانون تبييض المستوطنات الذي يمهد لضمِّ بؤر استيطانية جديدة غير شرعية وفق القانون الإسرائيلي.  
وأوضحت أن إسرائيل فشلت في خطة تسويق نفسها للغرب، وتعيش لأول مرة مشكلتين يجب عدم الاستهانة بهما، هما: 

  • هاجس الشرعية الذي تواجهه لأول مرة منذ 7 عقود على تأسيسها. 
  • بعد عقود طويلة من ترويج الرواية الصهيونية للصراع وماهيته بدأت إسرائيل تنشغل بالرد على الرواية الفلسطينة منذ 2006 عبر:  

1.    الرد على تشبيه إسرائيل بنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
2.    الرد على حركة المقاطعة ونزع الاستثمارات عنها. 
3.    الرد على محاولة نزع الشرعية عن إسرائيل. 
4.    الرد على معاداة السامية. 

ولاحظت السنوار أن هناك تراجعًا واضحًا لصورة إسرائيل في الغرب ووسط النخب السياسية والرأي العام في أوروبا، لكنها أشارت في المقابل إلى وجود اختراقات لمصلحة إسرائيل في العالم العربي والإسلامي؛ حيث تحاول اللعب على صراعات المنطقة العربية والخروج من حالة التوحش التي تعيشها؛ وذلك بالقول: إن إسرائيل أكثر إنسانية وأخلاقية من إيران أو بعض الأنظمة العربية الديكتاتورية وإن من مصلحة العرب الاصطفاف في حلف عربي يواجه إيران وخاصة بعد مجزرة خان شيخون.  

 

خامه يار: الوضع العربي والإسلامي نتاج لاتفاقية سايكس-بيكو 

اعتبر الدبلوماسي الإيراني، عباس خامه يار، رئيس لجنة فلسطين في رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية، أن ما يشهده العالم العربي والإسلامي في المرحلة الراهنة إنما هو امتداد لاتفاقية سايكس-بيكو التي سعت لتفكيك الدول العربية وكل القوى وتحقيق حلم إسرائيل الاستراتيجي من النيل إلى الفرات. وأضاف: إن المخطط الاستعماري لا يستهدف الدول العربية والإسلامية وحسب بل حضارات وشعوبًا ودولًا عبر تدميرها كما حدث في العراق وسوريا. فقد اتضح بعد مرور قرن على وعد بلفور واتفاقية سايكس-بيكو أن الخطة كانت تستهدف تثبيت الوجود الإسرائيلي في المنطقة، "ورغم ما يعانيه الكيان الصهيوني من أزمات حاليًّا فإن هناك جهات متعددة تعمل على بعث الرُّوح في هذا الجسد من أجل أن يستعيد دوره؛ إذ إن هناك قوى إقليمية ترمي إليه بطوق النجاة".

وأوضح خامه يار أن عملية عرقلة المشروع الإسرائيلي في المنطقة تعني إيقاف الهيمنة الشاملة للاحتلال وتحجيمها، داعيًا إلى التقارب بين إيران والعرب والحوار والمكاشفة، معتبرًا أن إسرائيل العامل الأساس في الأزمات التي تعصف بالمنطقة.

 

القزق: احتفال بريطانيا بوعد بلفور يؤكد عداءها للعرب 

أفاد علي القزق، سفير فلسطين السابق في أستراليا ومدير منشورات فلسطين، بأن المشاكل التي يعيشها العالم العربي ترجع للدور العنصري الذي لعبته بريطانيا منذ اتفاقية سايكس-بيكو التي أدت إلى زرع إسرائيل في المنطقة وتسببت في آلاف الجرائم ومعاناة العرب إلى اليوم. وأضاف: إن العالم العربي وبعد مرور مئة عام لم يحاسب بريطانيا رغم ما عاناه ويعانيه جرَّاء سياستها، ولا تنظر إليها الحكومات العربية كعدو بل صديق يتحالفون معه، مشيرًا إلى أن إعلان بريطانيا الاحتفال بمرور مئة عام على وعد بلفور ودعوة نتنياهو للاحتفال يشير إلى إصرار بريطانيا وعدائها للعرب ومدى استخفافها وإهانتها للشعب العربي وحلفائها. 

ورأى أن الحل يكمن في قيام الحكومات العربية بتسخير استثماراتها وعلاقاتها التجارية لخدمة العالم العربي وأمنه واستقراره، والتخلي عن فصل التجارة عن السياسة بل يجب ربطهما من أجل إجبار الدول المعادية والغربية على إعادة النظر بمواقفها وسياستها المنحازة ضد الحقوق والمصالح العربية.