أجمع المتدخلون في جلسة "حقوق الإنسان: تحديات وواقع الحماية والاحترام والتطبيق" على أن التشكيك في آليات تطبيق حقوق الإنسان مرده في أحيان كثيرة إلى أن هذه الآليات تطبق على مناطق معينة من العالم دون أخرى، ناهيك عن سقوط هذه الآليات في فخ القراءات السياسية، بدل التركيز على الأبعاد الدينية والخلقية لاحترام حقوق  الإنسان في العالم.

وفي رده على سؤال حول أسباب التشكيك في آليات حماية حقوق الإنسان، قال الدكتور العبيد أحمد العبيد، مدير مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان لجنوب غرب آسيا والمنطقة العربية، إن  الربيع العربي أثر إيجاباً في حماية حقوق الإنسان، وقلص التشكيك في تلك الآليات لأجل حماية الضحايا، ولكن لا تزال هناك عوامل تغذي هذا التشكيك في حقوق الإنسان، وأولها أننا لم نصل في المنطقة العربية إلى درجة عالية في حماية حقوق الإنسان، لاعتمادنا القراءة السياسية، وإهمال الحقوق من جانبها الأخلاقي والسلوكي. وهناك تبادل الأدوار، فضحية اليوم يمكن أن يتحول إلى متهم اليوم والعكس. وأوضح أن أحد الأسباب هو الاستخدام السياسي المفرط، والعلاقة غير الصحية بين حقوق  الإنسان والدين، وحقوق الإنسان والسياسة، إلى جانب عدم وجود نماذج حقيقية للمدافعين عن حقوق الإنسان، فيما عدا الصحفيين المعتقلين.

من جانبه، فضل الأستاذ ستيف كراوشاو، مدير مكتب الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، التركيز على أهمية وجود وسائل إعلام تعمل على التوعية بآليات حقوق الإنسان العالمية، لافتا إلى أنه من المهم وجود قناة مثل "الجزيرة" بما تقدمه من شهادات واقعية على الانتهاكات التي تحدث لحقوق الإنسان في العالم، مثلما تقوم به منظمة العفو الدولية من توثيق لانتهاكات حقوق الإنسان عبر العالم. وقال إن الأهم ليس السؤال من يرتكب تلك الانتهاكات، بقدر ما يهم أنها وقعت، وهذه حقيقة يجب مواجهتها.

ولفت إلى أن الأسئلة المتشائمة حول "لماذا لا يهتم الناس بحقوق الإنسان؟"، مرده إلى تشكيكهم في كل ما يتعلق بحقوق الإنسان، بناء على ما يشاهدونه من انتهاكات بلا عقاب في مصر وسوريا، والجرائم مرتكبة في مناطق مختلفة من العالم، معلقا بقوله "لقد تمكنا من مواجهة الذين يقترفون الجرائم ليفهموا أنفسهم، وهؤلاء يعتقدون أنه لا يمكن مساءلتهم. ولا بد أن ننخرط في هذه المنظمات للدفاع عن حقوق الإنسان".

بدوره، قال آدم شابيرو، مسؤول الحملات بمنظمة فرونت لاين ديفندر إن الشك له أسباب وجيهة، وينبغي أن نفهم أسباب هذه الشكوك، فالذين يدافعون عن حقوق الإنسان يواجهون تهما ومحاكمات. كما أشار إلى الاستخدام السيء لمؤسسات القانون الدولي وحقوق الإنسان، بما في ذلك استخدام محكمة الجنايات الدولية، كمثال عدم إحالة سوريا عليها. بينما تستخدم لاستهدف القادة الأفارقة، وليس في مناطق أخرى من العالم، متسائلا عن سر غياب الإرادة السياسية للقيم بذلك، وأهمية تلك المؤسسات، إن لم يحدث تغير حينما يعتقل أحد المدافعين عن حقوق الإنسان ويموت في السجون، مثلما حدث في الصين.

كما لفت إلى قرار الجامعة العربية بتأسيس محكمة حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن الشباب في البحرين مثلا يشككون في جدواها، لكنه ختم متفائلا "يحذوني أمل أن هناك جيلا من الشباب الناشطين في حقوق الإنسان يستعمل أدوات لتوثيق الجرائم".

أما الأستاذ فاضل عبد الغني، رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فأكد أن هناك قصورا شديدا لدى الهيئات الدولية عن مواكبة الأحداث بسبب الإجراءات البيروقراطية في الأمم المتحدة للاستجابة لطلبات الشعوب.

واعتبر أن عمليات التوثيق الحاصلة للجرائم في سوريا، على سبيل المثال،  توصل الرسالة إلى الأمم المتحدة التي تصدر بدورها تقارير مختلفة تدين النظام السوري، لكن تلك التقارير تصطدم بالفيتو، مستدلا باستخداد حق النقض 4 مرات لأول مرة في تاريخ الأمم المتحدة في الشأن السوري، ما يجعل تلك القرارات والاتفاقيات الدولية لا وزن لها في الأنظمة الشمولية. وهذا يبعث رسالة لمرتكبي الجرائم أنهم سيفلتون من العقاب.