أجمع المتحدثون، في ندوة بعنوان "عقبات في طريق التحول الديمقراطي في العالم العربي" أن هناك عوامل عديدة تعطل عملية التغيير الديمقراطي في العالم العربي بعضها داخلي وآخر خارجي، لكن العوامل الخارجية كانت حاسمة وبالغة التأثير في مسار التحول الديمقراطي ببعض الدول، وعلى رأسها مصر. وشارك في هذه الندوة كل من الصحفي وائل قنديل، وجمال بنعمر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره الخاص في اليمن ، وطارق متري مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، وإلينا سوبونينا مديرة مركز الشرق الأوسط وآسيا في روسيا، والصحفي فيصل محمد صالح، ونينا إليندو أوكيجي رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب النيجري.
عقبات في وجه التغيير
ذكر أحد المتدخلين أن الولايات المتحدة، والدول الغربية، تحولان دون ترسيخ الديمقراطية في العالم العربي وتتعاملان مع المنطقة وفق نصائح منظري الأنظمة القمعية. وأشار إلى أنه لا يمكن فصل انتهازية النخب الفاسدة، واستبداد قادة العسكر، عن العوامل الخارجية، مضيفاً أن إحداث التغيير لن يكون يسيراً خصوصا مع مسلكيات الأنظمة العسكرية التي تحكم أغلب الدول العربية.
وأكد أحد المشاركين أن الشعوب العربية لا تختلف عن باقي الشعوب في قدرتها على إطلاق الثورات مقارناً بينها وبين شعوب أمريكا اللاتينية التي شهدت ثورات في الأعوام الماضية، موضحاً أن هناك اختلافاً في الاتجاهات والمسارات التي سلكتها ثورات الربيع العربي، خصوصا في الحالة التونسية واليمنية حيث حدث توافق عام، بينما حصلت المغالبة والمفاصلة في سوريا، ومصر، وليبيا.
وأضاف أن ثورة اليمن امتازت باستفادتها من مبادرات دول مجلس التعاون الخليجي، وتدخل الأمم المتحدة المبكر الذي لعب دورا كبيرا في تقدم العملية السياسية، كما أن قبول اليمنيين بالتفاوض أهَّل اليمن إلى أن تسير الأمور فيه بشكل سلمي وسلس، ما جعل مجلس الأمن يتفق على جميع قراراته المتعلقة باليمن، وهي الدولة الوحيدة التي خاطبها مجلس الأمن بشل متناغم مع دول الإقليم.
مسارات التحول الديمقراطي
بالنسبة لمسار ثورات الربيع العربي يلاحظ:
- انتزاع الشعوب لحريتها.
- المشاركة الديمقراطية في بناء الدولة رغم المخاطر الكثيرة التي تحيط بها بسبب غياب الوعي لدى بعض النخب.
- إقصاء فصائل كثيرة ساهمت بشكل كبير في الثورات العربية.
- ضرورة الكف عن قوانين الاجتثاث والعزل.
- عدم الاستعجال في الانتخابات وضرورة التريث حتى تحل كل المشاكل الجانبية، فالاستعجال في كتابة الدستور لا يؤدي إلى الاستقرار غالبا؛ لأن الدول التي تخرج من ثورات جارفة بحاجة إلى وقت طويل للتوافق ومعرفة الأولويات.
- عدم اختزال الديمقراطية في الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، بل يجب احترام حقوق الأقلية، والفصل الواضح بين السطات.
وأكد أحد المشاركين أن الاستقرار في البلدان العربية سيأخذ وقتا طويلاً في ظل استفحال ظاهرة البطالة، والفساد المستشري، وضعف الطبقة الوسطى، مشيراً إلى أن أهداف الثورات تتمثل في تحقيق تطلعات الشعوب نحو الحصول على وسائل العيش الكريم، والحرية، والعدالة الاجتماعية، لكن هذا لا يعني أن تلك الأهداف قد تنجز بين عشية وضحاها. لذلك فإن الإصلاح التدريجي هو الأفضل بالنسبة لدول المنطقة.
وأوضح أن انتشار الأمية بين شعوب الدول العربية، والخلافات الطائفية، تعتبر المعوق الأول لإحداث التغيير الديمقراطي، وإذا لم تتوفر البنية التحتية للتعليم الجاد فلن يكون هناك وعي بأهمية التغيير الذي ننشده للعالم العربي. كما أن النزاعات السياسية تفعل فعلها في إيقاف عجلة التغيير الديمقراطي.
وذكر أحد المشاركين أن الديمقراطية بات ينظر إليها في العالم العربي على أنها ترف سياسي خاص بالنخب السياسية، وهذا ما نتج عنه الوضع الراهن الذي نراه في دول الربيع العربي التي وقفت فيها الديمقراطية في منتصف الطريق، باستثناء تونس التي بلغ الوعي فيها درجة كبيرة جعلت حزب النهضة يقدم مصلحة الوطن على مصلحة الحزب أو الجماعة، وهذا ما فشل فيه الإخوان المسلمون الذين سرقوا حلم الجماهير المصرية التي ثارت من أجل الديمقراطية وانتخبوا محمد مرسي على أساس برنامجه ولم ينتخبوا مرشد الإخوان. كما أن الإعلام العربي شارك في إخفاق الثورات.