أكد رئيس الحكومة التونسية السابق علي لعريض، أن الأوضاع في الدول العربية لا يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه قبل نهاية 2010، رغم الانتكاسات التي تعرفها ما بات يصطلح عليه بدول الربيع العربي التي انتفضت شعوبها ضد الأنظمة الاستبدادية، وما يعترض سعيها إلى تحقيق الديمقراطية. وبيَّن رئيس الحكومة التونسية السابق أن الدول العربية تواجه عددا من العوائق في مسارات الإصلاح، مثل ضعف الأحزاب السياسية المستقلة والمنظمات، وانتهاك الحريات العامة والخاصة، والتهميش، والبطالة، والتفاوت بين الجهات، وضعف التنمية. كما تسيطر على هذه البلدان أنظمة عرفت الاستبداد السياسي، وأخلفت وعودها مع الإصلاح، وتراكمت المظالم وبلغت حدوداً قصوى.

وبالمقابل، ازداد الوعي لدى الشباب، مستفيداً من وسائل الاتصال الحديثة، التي مكنته من الاطلاع على ما حققته دول متقدمة في مجال التداول السلمي على السلطة، والحريات السياسية والنقابية والثقافية، وحماية حقوق الإنسان والمساواة بين المواطنين، والعدالة الاجتماعية، والتزام الشفافية. وقد رسخت هذه الإنجازات لدى الشعوب العربية قناعة مفادها أن المقولات التي تبرر بها الأنظمة تصرفاتها واهية، فقرر ت الثورة على الأنظمة والمطالبة بالتغيير.

أما عن تحديات الثورة التونسية، فأوضح العريض أن هناك خمسة تحديات تواجه تونس وهي:
- مقاومة الجريمة، والإرهاب الذي استغل ما كانت تمر به المنطقة لمحاولة فرض سيطرته، مع حاجة تلك الدول للإصلاح  واحترام حقوق الإنسان في الوقت نفسه.
- ضرورة احترام الحريات وبناء المؤسسات الديمقراطية، والاتفاق على مرحلة انتقالية، وكتابة دستور وإجراء انتخابات، وغيرها من متطلبات المرحلة الانتقالية.
- التحدي الاقتصادي، أو تحدي التنمية، حيث إن الشباب التونسي كان ينتظر حلولاً ملموسة لمشاكل البطالة وضعف القدرة الشرائية مقابل برامج يحتاج نجاحها إلى تمويلات ضرورية ليست دوما يسيرة، كما أنها تتطلب مراحل طويلة . وما زاد من صعوبة التحول هو حدوث اضطرابات سياسية واجتماعية أثرت في تدفق الاستثمارات الأجنبية.
- ضرورة معالجة مطالب الماضي، أو تحدي العدالة الانتقالية.
- تحدي الوضع الدولي، حيث حظيت الإصلاحات في تونس بمساندة دول ومعارضة أخرى، محذراً من أن التدخل الخارجي يمثل عامل خطورة  في مسار التحول الديمقراطي.

وأضاف العريض أن الحكومة التونسية اصطدمت خلال 2012 و2013 بعقبات بعضها كان منتظراً، وبعضها لم يكن متوقعاً، وبدا واضحا منذ بدء مسار الانتخابات أن بعض القوى السياسية رفضت نتائجها رغم اعترافها بمصداقيتها، وبدأ التشكيك في الإنجازات. وقد نجحت تونس في مواجهة تلك العقبات والتحديات بفضل الحوار الذي لم يكن ليحصل لولا الروح الوطنية بين المؤسسات الرسمية وأطراف سياسية واجتماعية منها الاتحاد العام للشغل وغيره، والتزام "الترويكا" بجعل مصلحة البلاد هي العليا لتفويت الفرصة أمام المغامرين حفاظا على الاستقرار الداخلي.
وخلص العريض إلى أنه ليس من الحكمة الإسراع في اعتماد مقولات النجاح والفشل؛ لأن الثورات وما تلاها ليست المستقبل، بل هي البداية، كما أن الانتخابات وحدها لا تجسد الديمقراطية، بل بداية الديمقراطية، لذلك لا بد من إزالة العوائق الكبرى التي عطلت تقدم الدول العربية.