أجمع نخبة من الشباب العرب والأجانب في ندوة نقاش غير رسمية بعنوان "منبر الشباب.. أفكار للتغيير" على أن التغيير لا يكون حتما بالاهتمام فقط بالقضايا السياسية أو لعب دور الضحية، والاكتفاء بالشكوى، بقدر ما يتطلب الأمر من الشباب العمل على تطوير أنفسهم، والإصرار على المشاركة في صناعة القرار من خلال منظمات المجتمع المدني، ومواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يتسنى لهم استلام السلطة مستقبلا.
ماريلا كوادرو، باحثة من الأرجنتين، قالت إن الثورات العربية فاجأت الحكومات في أميركا الجنوبية، ورغم ايديولوجياتها التي تتبنى الدفاع عن الحقوق الاجتماعية، إلا أن تلك الحكومات رفضت السياسات الغربية للتدخل في الدول العربية، تماما كما أن الشباب في دول أميركا الجنوبية تعدوا مرحلة الثورة، وليس لديهم معرفتهم بشكل للعالم العربي، وغير مهتمين به، باستثناء اطلاعهم على الثورة، لكن موقفهم يرتكز على مواجهة السياسات الإمبريالية، مثل تفكير الولايات المتحدة اجتياح سوريا.
من جانبه، تحدث يوسف عبد الرحمن، أستاذ محاضر في جامعة "الجيل الجديد" في الصومال عن الوضع في بلاده، قائلا إن الأوضاع مختلفة بين الصومال الشمالي والصومالي الإفريقي الذي يعاني الفقر والمجاعة وغيرها من المشاكل.
وقال إن المجتمع الصومالي يتابع التغييرات من الجزيرة وبي بي سي، والتطورات في مصر خاصة، بفعل العلاقات الحميمة بين مصر وجمهورية الصومال، وفوجئنا بعد عام من انتخاب الرئيس مرسي بانقلاب عسكري.
وعن تحديات الشباب الصومالي، قال إن المناطق المستقرة في الصومال يعاني شبابها من مشاكل مثل الهجرة إلى الخليج وأوروبا، نحو حياة أفضل. كما يواجه مشكلة استعمال "القاط"، وأن هناك محاولات لتغيير الوضهية الحالية من خلال التوعية الشاملة في المدن والقرى.
بدوره، الطالب عبد القادر كسكين من تركيا، قال إن معظم الشباب التركي لا يريدون التدخل في الأوضاع بالدول العربية، لكن المظاهرات في تركيا بدأت مع اندلاع الثورات العربية، من خلال جمع توقيعات وحملات ووقفات أمام السفارات العربية ليتظاهروا، وإبراز دعمهم للشعب العربي في ثورته ضد الأنظمة، ناهيك عن الشباب السوريين وغيرهم المقيمين في تركيا لدعم بلدانهم.
من ناحيته، قال جمال المليكي من اليمن إن الشباب العربي في بداية الثورات عاد للاهتمام واستعاد ثقته بإمكانية تغيير الأوضاع، وتبعتها مرحلة الانتكاسة في دول الربيع العربي، سيما ما حدث في مصر، حيث تمت مواجهة التغيير.
وأشار جمال إلى غياب نموذج للتغيير في الدول العربية، مع اندفاع لدى الشباب للقفز فوق المراحل، ما شجع الأنظمة الحاكمة للانقلاب على التغيير والعودة إلى الحكم مجددا، مستلمهما ما حدث في مصر.
بالمقابل، ريادة آكيول من البوسنة رأت أنه حينما أتابع ما يحدث في الشرق الأوسط، فإن السياقات تختلف، لكن هناك قضايا مشتركة، أولها العلاقات الغير متجانسة بين الشباب وكبار السن ممن يتولون مقاليد الحكم، وعدم استعدادهم للاستماع إلى آراء الشباب، ما يؤدي إلى انتكاسة.
وقالت ريادة إن الشباب عليه أن يتخلص من لعب دور "الضحية" المنتشرة في الدول العربية وتركيا والبلقان، وعليهم أن يتحدوا ويتحلوا بالطموح، وبالمقابل، فإن كان الشباب يفتقدون للتجربة، فلنا أن نطالب بإشراكنا في صناعة القرار، من خلال منظمات المجتمع المدني، ولاحقا يمكن أن نترشح لمناصب المسؤولية السياسية.
على الجانب الآخر، تحدث عمار محمد من قطر عن إمكانية التغيير من خلال الإعلام الاجتماعي، قائلا إن هناك 1600 مواقع تواصل اجتماعي على الانترنيت، ومعظم الأنشطة التي يقضيها المستخدمون حول الإعلام الاجتماعي.
وهناك 28 مليون على مستوى المنطقة العربية يفتحون موقع الفايسبوك يوميا، 15 مليون منهم عبر الهواتف الجوالة، والسعودية تتصدر استعمال تويتر عالميا، بينما 2 من كل 5 مستخدمين لموقع "لينكدان" من أصحاب المناصب الإدارية. وأعلى 10 دول في استخدام الانترنيت كلها أوروبية، باستثناء قطر والبحرين. و354 مليون مشترك في الهاتف الجوال بالشرق الأوسط، وتعتبر اللغة العربية في المرتبة الثامنة من حيث استخدام اللغات على الانترنيت.
واستشهد عمار باستبيان لبرنامج الحاكم والابتكار بكلية دبي للإدارة الحكومية، خلص إلى أن 84% من المشاركين اتفقوا أنه يمكن للطالب الاستفادة من الإعلام الاجتماعي لتعزيز المهارات الريادية بالتعليم. و81% قالوا إن وضع الحكومات لسياسات تتعلق بالإعلام الاجتماعي من شأنه أن يسهل الاستخدام الأفضل للإعلام الاجتماعي بالعمل.
ولفت عمار إلى أن لإعلام الاجتماعي لعب دورا في بداية الثورات العربية بفضل الإعلام الاجتماعي، لكن هناك تسطيح في استخدام الشباب العربي للإعلام الاجتماعي، ويرتكز فقط في التغيير السياسي، بدل الحديث عن التغيير الايجابي، والتأثير إيجابا وفرض الحوار من خلال الإعلام الاجتماعي. وشدّد قائلا إن الفايس بوك لم يصنع ثورة مصر، بل الشباب الواقفين أمام الدبابات.
وختم بالقول إن تأثير الشباب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي يكون من خلال التوظيف ودخول الشباب في سوق العمل، والتواصل مع الآخرين، وتكوين نفسه، ومحاورة المفكرين، بعيدا عن مقص الرقيب. والتغيير الايجابي من خلال الإعلام الاجتماعي يكون بالحوار ومن خلال صنع المحتوى بما يناسبنا، وتوظيف الصور، وتوسيع استخدام المواقع الاجتماعية.