نظم موقع الجزيرة نت في إطار فعاليات منتدى الجزيرة الثامن ندوة عن الإعلام العربي في زمن الثورات تناولت ثلاثة محاور، حيث ركز الدكتور هشام عباس على دور وسائل الإعلام في التغيير من خلال الفكرة والمضمون اللذين يشملان جميع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، وربط ذلك بالجانب التاريخي المتعلق بظهور وسائل الاتصال من صحف وراديو وتلفزيون.. إلخ؛ ذلك أن كل وسائل الإعلام مرتبطة في الأصل بالفكرة كمفهوم إعلامي، واتصال بالجمهور الذى ارتبطت العلاقة به على مر الزمن بفكرة "المتلقي السلبي".

وأمام التطور الذي حصل في وسائل الإعلام الحديثة انهارت كل النظريات التقليدية حيث إن المتلقي أصبح هو القائم بالاتصال، وباتت العلاقة تكاملية من حيث المضمون. وبناء على ذلك فإنه يمكن بيان عدة قضايا تتحكم في هذه العلاقة وهي: 

  • ترتيب الأولويات، وهي مسألة قديمة جديدة، ذلك أن الجماهير يزيد وعيها بالقضايا الأساسية مما يجعل الإعلام يتجنب موضوع إهمال قضايا معينة على حساب أخرى.
  • دور القائم بالاتصال بما في ذلك النخب وقادة الرأي ثم المتلقين.
  • ظاهرة قيادة الرأي وهي التي تختلف من مكان إلى آخر.
  • مفهوم حراسة البوابة وارتباطه بالأنظمة الدكتاتورية والديمقراطية والتوجهات السياسية.
  • مفهوم الاستعمار الإلكتروني المبنى على مبدأ التأثر والتأثير في الأفكار والثقافة.

وفي نهاية المداخلة رأى المتحدث أن الأمر يتطلب وضع استراتيجية جديدة بما في ذلك الحلول المتمثلة في توطين الصناعة الإعلامية، وإنشاء مؤسسات إعلامية ضخمة، وتحويل الأفكار إلى مخرجات إعلامية، والأخذ بالتراث المحلي، وتكوين كوادر إعلامية قادرة على المنافسة في السوق الإعلامية المتسارعة النمو والتطوير وخاصة في العصر الحديث.

وفي مداخلته، أشاد الدكتور محمد قيراط بقناة الجزيرة التي انطلقت سنة 1996 في ظروف إعلامية لا تتسم بالحرية والموضوعية خاصة في العالم العربي، وتناول المتحدث موضوع قناة الجزيرة والثورات العربية، من جانبيين هما:

الجانب الأول
أبرز المتحدث الجانب الإيجابي لوسائل الإعلام ودورها في الحروب والمعارك على مر الزمن، وربط دور الجزيرة الإيجابي والفعال في الثورات العربية بما تتميز به الجزيرة كوسيلة إعلامية وذلك من حيث: 

  • الميزانية الضخمة لشبكة الجزيرة.
  • الكوادر البشرية المتميزة والمستمرة في عطائها.
  • الموقع الاستراتيجي لدولة قطر كحلقة وصل ما بين آسيا وإفريقيا وأوروبا.عدم
  • وجود منافس في المنطقة.
  • تعطش الشارع العربي لمشاهدة الرأي والرأي الآخر.
  • الجزيرة أصبحت جزءاً من الثورات العربية في بلدان الربيع العربي.
  • الجزيرة منبر للسياسة الخارجية القطرية؛ إذ أصبح ذلك من أبجديات النظريات الإعلامية.

الجانب الثاني
بيَّن المتدخل في هذا المحور أن الموضوعية في الإعلام نسبية، ومن ذلك أن الجزيرة يؤخذ عليها أنها تتناول أحداثا معينة في بلدان مجاورة بطريقة قد تختلف عن تناولها في بلدان أخرى خصوصا فيما يتعلق بتغطية أحداث بلدان الربيع العربي، الأمر الذى يضع عدة تساؤلات حول جانب الموضوعية في العمل الإعلامي ككل والجزيرة بصورة خاصة.

كما أوضح المتحدث ما يظهر من عدم الاهتمام الكافي ببعض القضايا المحلية في المنطقة مثل موضوع البدون، والعمالة الوافدة، وهو ما يؤثر على درجة المصداقية في تناول الخبر وإبراز الرأي والرأي الآخر.

 وختم الدكتور قيراط تدخله بكون الجزيرة مشروعاً متميزاً ساهم في تطوير الإعلام وقضاياه وتبني الثورات العربية بشكل مهني لدرجة أنها أصبحت في كثير من بلدان الربيع العربي جزءاً فاعلاً من الثورة، وتساءل عن مدى درجة علاقة الموضوعية بالأطراف المتصارعة وعدم الوقوف بجانب طرف على حساب طرف آخر.

وفي محور ثالث تحدث السيد راجح بادي عن الإعلام الحكومي والخاص باليمن، وأشار إلى موضوع الحرية الإعلامية في ظل سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام العمومية مقابل انحسار في وسائل الإعلام الخاص حيث إن هذه الأخيرة يعود إليها الفضل في الدعوة إلى الثورة ورفع شعار الإصلاح السياسي.

وبسبب قلة الدعم والظروف الاقتصادية الصعبة فإن الإعلام في اليمن يعانى من انفراط، وزيادة في عدم المسؤولية، خاصة الإعلام الخاص المتمثل في الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية المحلية وإذاعات الموجة الطويلة (FM) التي تضاعفت أعدادها بعد الثورة وبصورة يصعب السيطرة عليها.

ودعا المتدخل في نهاية حديثه إلى أن الأمر يتطلب وضع قانون ينظم وسائل الإعلام بمختلف أنواعها سواء الحكومية أو الخاصة؛ وذلك لمواجهة الفوضى الإعلامية التي تشهدها اليمن، مقابل عجز أجهزة الدولة التي لا تمتلك القدرة على السيطرة أو التنظيم، كما أن نقابة الصحفيين هي الأخرى تلعب دوراً محايداً في هذه الظروف الإعلامية المتشعبة التي تتسم بالفوضى وقلة التنظيم.