تتداخل عوامل كثيرة في تأجيج الصراعات وتغذيتها أو المساعدة على حلِّها، ويلعب الإعلام أدوارًا متفاوتة الأهمية في كل هذه المراحل. ومع ثورة المعلومات وتزايد وتيرة الترابط العالمي بمختلف وسائل التواصل أصبح الإعلام يلعب أدوارًا أساسية في أغلب صراعات العالم، ويتجاوز دورُه مجرد نقل الأحداث إلى صناعاتها وتشكيل سرديَّات متنافسة تعكس تصورات الأطراف المتصارعة وتخدم استراتيجياتها ومصالحها. مع انتشار القنوات الفضائية شهدت المنطقة العربية، منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، تحولًا جذريًّا في المشهد الإعلامي تَعزَّز في السنوات الأخيرة بالانتشار غير المسبوق لاستخدام تكنولوجيات الاتصال الحديثة والاستفادة مما توفره شبكة الإنترنت من خدمات لا حدود لها.

لم ينحصر هذا التغيير في حدود المجال الإعلامي، بل بات أثره السياسي والاجتماعي واضحًا حيث لم يعد المواطن العربي مضطرًّا للنظر إلى واقعه وأزماته المتعددة والمتفاقمة من خلال وسائل الإعلام الأجنبية المهيمنة، بل أصبح بإمكانه أن ينظر هو بنفسه إليها ويصنع روايته عنها، آخذًا بعين الاعتبار السياقات التاريخية والثقافية للمنطقة. أتاحت هذه التطورات لمستخدمي الإعلام، أفرادًا وجماعات ودولًا، إمكانات هائلة لتغيير الواقع والتأثير في مسارات الأحداث سلبًا أو إيجابًا. لكنها من جهة أخرى، طرحت أسئلة جوهرية حول طبيعة الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في الصراعات ومدى التزامها بمعايير المهنية والمواثيق الدولية.

تناقش هذه الجلسة دور الإعلام في الصراعات من خلال المحاور التالية:

إلى أي حدٍّ يمكن للتحديات الميدانية أن تؤثر في احترافية وتوازن وحيادية التغطية الإعلامية للصراعات؟
ما الذي تغيَّر في طبيعة تغطية الصراعات بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد؟
كيف يمكن الاستفادة من التجارب العالمية في التغطيات الإعلامية للصراعات (حرب أفغانستان، حرب العراق، حرب غزة)؟
ما هي المخاطر والمحاذير وراء توظيف الجماعات المسلحة لوسائل الإعلام التقليدية منها والبديلة؟
هل يمكن للإعلام والإعلاميين تغيير الواقع الحالي وابتكار طرق جديدة للتأثير والتغيير؟