في مساء اليوم الثاني من منتدى الجزيرة التاسع نظَّم موقع الجزيرة باللغة الإنجليزية جلسة بعنوان "جلسة الكفاح من أجل الحرية الرقمية". ومن المعلوم أن من طبيعة الشبكة أن تطرح عدة إشكالات منها أننا في المواقع الاجتماعية نكون أمام أسماء وكلمات سِرٍّ ومعلومات سرية عن أشخاص، وهي معلومات يمكن الحصول عليها دون الاستعانة بكثير من التقنيات؛ وهذه فكرة مرعبة في حدِّ ذاتها. إن تحقيق السلامة والسرية عند التعامل مع المعلومات والأخبار على الإنترنت موضوع من الأهمية بمكان. ومن جهة أخرى فإن هناك الـ "ويب فيشينج" (Web fishing) الذي يتم فيه اصطياد المعلومات بشأن كل من يزور صفحة أو عنوانًا معيَّنًا على الإنترنت. كما أن هناك برامج على أنظمة ويندوز وماك تساعدك على التخلص من المحتويات المترسبة في قاع القرص الصلب لجهازك والتي تساعد المقرصنين على اصطياد معلومات حساسة عنك.
ويمكنك استخدام متصفح تور Tor كبديل عن المتصفح "فاير فوكس" أو "إكسبلورر" للحفاظ على سرية هويتك على الإنترنت ومنع المواقع التي تحاول الوصول إلى معلوماتك. وهناك أيضًا استخدام تقنيات النصوص المشفرة encrypted texts ، و PGP وPassword managers ، والكثير من الأدوات الأخرى المتاحة التي بإمكانك الحصول عليها للتخلص من أرق المقرصنين والمغرمين باصطياد المعلومات الشخصية للمتصفحين.
وفي هذا السياق، كان لبعض المتدخلين، وهي سيدة عضو في الـ "سي سي سي CCC" لمخترقي أجهزة الحاسوب في ألمانيا، مداخلة بدأتها بأهمية المقاومة الإلكترونية للمعارضة في البلاد المتحدثة للألمانية؛ فقد أُنشئ هناك الكثير من التقنيات والبني التحتية الإلكترونية التي تمكِّن النشطاء والمعارضين من ممارسة أنشطتهم ونشر آرائهم على الإنترنت دون قلق من الملاحقة؛ حيث بدأ التصور بمجموعة صغيرة من مخترقي أجهزة الحاسوب المهتمين بمسار التكنولوجيا وطبيعة سير المعلومات على الإنترنت. وطُرح السؤال: من الذي له الحق في منع أو تقنين سير المعلومات والتواصل على الإنترنت؟ وتحت أية ظروف؟ وهي أسئلة من بين أخرى ينبغي أن نطرحها.
كما تم الحديث في سياق آخر ومع متدخل آخر عن بعض التقنيات التي قدَّمتها المنظمة الإعلامية في جنوب إفريقيا التي تعمل بها لأجل تسهيل الحصول على الأخبار والمعلومات دون التعرض لعمليات رقابة أو حجب، ومن أمثلة هذه التقنيات خدمة الآي لاب iLab service.
وتم التأكيد من قِبل المتحدث وائل عباس على أن الحرية الرقمية لها وزنها وأهميتها عمومًا وفي مصر خصوصًا، وأهميتها أخذت في الازدياد المطَّرد منذ عام 2004 عندما ضاق الشعب ذَرْعًا بنظام مبارك وممارساته؛ حيث لم يكن يُسمح بتشكيل حزب سياسي دون إذن مسبق وبشروط يصعب تحقيقها، كان هذا تحدِّيًا حقيقيًّا للحركات السياسية التي أرادت الوصول للشعب، وذلك ما جعل عدد المغرِّدين والنشطاء يزداد على الفيسبوك، وهو ما جعل النظام الحاكم يشعر بالخطر، خاصة مع ضعف جهازه الإعلامي التقليدي، فلجأ إلى حظر الأنشطة والقبض على النشطاء.
تصاعدت وتيرة الأحداث والشد والجذب، لكن القمع ساعتها لم يكن بالحدَّة التي اشتدت بعد حدوث أحداث ثورة يناير/كانون الثاني. إن النظام العسكري القمعي القائم في مصر الآن قام بتعديلات دستورية ولجأ إلى ممارسات يرجو من ورائها التحكم في فضاء التواصل على صفحات التواصل الاجتماعي.
ثم عرض المتحدث أمثلة لنشطاء تم اعتقالهم بسبب تعليقاتهم على صفحات التواصل الاجتماعي تحت دعوى التحريض على العنف والعمل على قلب نظام الحكم.
وقد بيَّن بعض المتدخلين من اليمن أن الناشط السياسي لا يُولَد من بطن أمه ناشطًا سياسيًّا! ففي أغلب الأحيان يُضطر المرء أن يكون ناشطًا بسبب الظروف المحيطة التي تدفعه إلى ذلك دفعًا. ومن الملاحظ أنه بعد مقتل الصحفي السقاف في اليمن لظروف غامضة، كان لديَّ الخيار -كما يقول المتحدث- في أن أَخلُفَه صحفيًّا مهمًّا في صحيفة يمن تايمز. قبلتُ التحدي وشعرت أني بعدما أصبحت صحفيًّا صِرتُ أكثر دقة وتأثيرًا بكثير عن ذي قبل. في هذه الأثناء واصلت دراساتي -كما يقول المتحدث- في تخصص الصحافة العالمية، وكان لها الفضل في تقوية استخدامي للإنترنت كمنبر إعلامي له تأثير قوي في اليمن. ومع مرور الوقت أدركت أن الحكومة دون أن تدري تدفعنا دفعًا إلى المقاومة والإصرار على ما نفعله؛ باستخدامها القمع ودفْعِنا للحصول على القوة من الإنترنت.
هناك في اليمن مشكلات خاصة به؛ فسرعة النت به ضعيفة بالمقارنة بالدول الأخرى. هذه المشكلات أدت بي إلى ابتكار تقنيةsplit tunnel التي تُمكِّن النشطاء ومرتادي النت من الوصول إلى المواقع التي تحجبها الدولة. وتعتمد هذه التقنية على إنشاء قناتين للتواصل إحداهما مشفَّرة والأخرى اعتيادية؛ لذا أتوجه بالشكر إلى الرئيس اليمني الذي دفعني عبر ممارساته إلى ابتكار هذه التقنية.
أدركت بعد ذلك أن القوة لا تكمن فقط في الحصول على المعلومات وإنما أيضًا في الرغبة في الحصول على الحرية وتطويع التكنولوجيا للحصول عليها.
إذن عبر استغلال طاقة الشباب الطامح إلى التغيير، بإمكانك وضع تقنيات وكوامن القوة حيث يتواجد الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكَّدت القاعة والنقاشات على أن أفضل طريقة لحماية الحصول على المعلومات هو وضع تقني خبير في حماية المعلومات كجزء لا يتجزأ في كل منبر رئيسي من منابر التواصل، لكن لن تجد منظمة أو مجموعة آمنة تمامًا.